منتديات الفراشه الانيقه
منتديات الفراشه الانيقه
منتديات الفراشه الانيقه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات الفراشه الانيقه


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 حفنه من تراب

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
هلوله
Admin
هلوله


عدد المساهمات : 379
النقاط : 1128
تاريخ التسجيل : 27/05/2008
العمر : 27

حفنه من تراب Empty
مُساهمةموضوع: حفنه من تراب   حفنه من تراب Emptyالأحد ديسمبر 13, 2009 4:17 am

(حفنة من التراب)
........................................


عندما كان الجو ماطراً، ولم أستطع الخروج للعب خارجاً، اعتدت أن أذهب إلى جدي حتى يخبرني بإحدى قصصه النابعة من تجاربه الكثيرة، وفي يوم كان جدي يجلس بجانب المدفئة، ينظر إلى تلك الألسنة التي كادت أن تتكلم من دفئها، نظر إلى شيء كان بيده ثم عاد ينظر إلى المدفئة، شعرت بشيء ما ينبض بالحياة داخله، ركضت إليه وقفزت إلى حضنه الدافئ:"جدي، هل بإمكانك أن تخبرني قصة؟"
نظر إلي قليلاً ثم عاد ينظر إلى تلك الشيء، فزاد فضولي لمعرفته، بقيت أنتظر منه الرد لفترة، ثم قطع صمته قائلاً:"وما القصة التي تريدين أن تسمعيها؟" لمعت ابتسامة في ثغره الوضيء، نظرت إلى ما في يده، وكان عبارة عن صندوق صغير يحتوي عل حفنة من التراب، وقلت:"أخبرني بقصة هذا الصندوق يا جدي." هز رأسه بصمت، ثم بدا وكأنه يتهيأ لأمر ما و بدأ بالكلام:"في يوم من الأيام كان هناك فتى شاب في مقتبل عمره يعيش في إحدى القرى الفلسطينية وهي في القدس، فقرر ذات يوم أن ينتقل من قريته ويترك القدس وأهلة والأهم ان يترك وطنه حتى يرى العالم من حوله ، فأخبر أهله و قريته وجهز نفسه للرحيل، حاول أهله أن يثنوه عن رأيه ولكنه كان قد قرر ذلك وانتهى الأمر، وقبل أن جاء إليه جده حتى يودعه، فقال له:"إذن يا بني قد نويت الرحيل؟ لكن ألن تشتاق إلى وطنك؟ ألن تشتاق لرؤية البلد التي لطالما حلم الكثيرون بزيارتها؟ ألن تتشوق للصلاة والتعبد في أحد أعظم المساجد في التاريخ وهو المسجد الأقصى؟ فما الذي تبحث عنه وهو أفضل من هذا المكان وهذا المسجد؟"
أجل يا جدي ولا تحاول أن تثنيني عما أريد فعله، فأنا أريد أن أكتشف العالم من حولي، فقد مللت من هذه القرية، مللت من أنحائها وجبالها، مللت من شوارعها وحتى من أهلها،مللت الحصار فما الجدوى من البقاء داخلها وأنت محاصر ومقيد أريد أن أكتشف العالم، أريد أن أرى بلاداً أخرى غير التي نعيش فيها."
قال الجد:"حسناً يا بني، اذهب ولكن تذكر أن هذا البلد فلسطين والقدس وهذه القرية هي التي احتضنتك في ربيعها، وفيها ولدت، ولا تنسى أهلها الذين كانوا لك خير معين في مشاكلك، ولا تنسى الطعم الجميل المستساغ الذي نتذوقه عند الدفاع عنها ولو برمي حجر واحد من يد لا تهاب الموت ولا الأعداء ولكن ما تهابه هو الله فقط لا غير، وطن ومدينة ومسجد تحمل الكثير الكثير من أجل أبنائه ومن أجل جعلهم رجالا في المستقبل ليدافعوا عنه وعن شرف الأمة الإسلامية، والأهم عن وطن احتضنهم وهم في أمس الحاجة إليه، ومسجدا مازال ينتظر الفارس الذي سيأتي على جواده ليخلصه من هذا الجدار ويحطمه ليستطيع أن يدخل إليه ويصلي فيه فهو مشتاق أشد الإشتياق للصلاة فيه بحرية وطمأنينة دون حصار، ولن تجد لك خير مأوىً سوى أرضك فلسطين..." ثم أخرج صندوقاً صغيراً من جيبه أعطاه لحفيده وقال:"خذ يا بني هذا الصندوق وحافظ عليه كما تحافظ على عينيك، ولا تفتحه إلا إذا كنت في ضيق شديد، فهذا ما سيفك لك ضيقتك.."
أخذ الفتى الصندوق وبدأ رحلته من مكان لآخر، و في أولى محطاته، ذهب إلى إحدى القرى الجميلة، كان أهلها في غاية اللطف والكرم والجود معه، لذا فقد سعد كثيراً عندهم، ولكنه في صميم نفسه أحس بشيء ما ينقصه حاول أن يعرف ولكنه لم يستطع، لذا قرر أن ينتقل إلى مكان آخر لعله يجد ضالته من السعادة، ولكنه أيضاً لم يجد ما يريده، ويوماً عن يوم أصبح ضيقه يزداد شيئاً فشيئاً، وفي إحدى رحلاته التقى برجل تبدو عليه الحكمة، فأخبره بقصته وطلب منه أن يدله على المكان الذي يمكن أن يجد مطلبه فيه، فدله ذلك الرجل على قرية وقال له:"إن هذه القرية بعيدة جداً من هنا لذا قد لا تستطيع الوصول إليها."
أجابه الفتى:"بل سأستطيع، فأنا مستعد أن أبذل حياتي كلها في سبيل أن أجد سعادتي.."
فقال الرجل:"إذاً، جهز نفسك لسفر متعب.."
بدأ الفتى رحلته شاقاً طريقه عبر الصحراء الملتهبة، وتعرض للكثير من الأخطار، ولكن ما كان لشيء أن يثنيه عن مراده، وفي طريقه تعرض له بعض اللصوص من قرية كانت قريبة منه، فسرقوا ما معه من متاع، وبقي هو بلا طعام أو ماء، لذا فقد قرر أن يذهب إلى أقرب قرية منه، ولكن من سوء حظه فلم يستقبله أهلها ولم يساعدوه، فأحس لحظتها بالغربة، ندم على تركه لوطنه و لقريته وأهله، وتذكر كلام جده، فقرر أن يفتح ذاك الصندوق الذي أهداه إياه جده، وعندما فتحه وجد بداخله حفنة من التراب و ورقة مكتوب عليها"تراب أرضك" عندها فهم ما أراد أن يوصله له جده.
عاد الفتى من حيث أتى و من وحيث ترك الوطن الذي هو في حاجة إليه وتلك الكلمات التي قالها جده تردد صدىً في مسامعه، ومنذ وصوله ذهب إلى جده، وقال له:" شكراً لك يا جدي على تلك الكلمات الغالية، فقد صدقت يا جدي لن أجد خير مأوى لي سوى أرضي" ومن ثم قال: لكم اشتقت لوطني ولأهلي وللصلاة في مسجدنا الغالي، وثم وبعد إنتهاء القصة نظرت إلى جدي وقلت:"ومن ذاك الفتى يا جدي؟"
ابتسم جدي وقال لي:"ذاك الفتى هو أنا.."
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://besoman.yoo7.com
 
حفنه من تراب
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات الفراشه الانيقه :: منتديات ادبيه :: قصص وروايات-
انتقل الى: