مبارح حصلت حاجة غريبة في الصلاة جدا، حابب أخد رأيكم فيها.. إمبارح في
الصلاة وبالضبط بمجرد ما سلم فوجئت بأحد المصلين "شاب مصري" ينهال على من
بجانبه "رجل سعودي" باللكمات والضرب، وكأنه طوال الصلاة متحفز حتى يسلم
الإمام ليقوم بضربه، ولقد فرقنا بينهما وحاولت أن أسأله ما الذي فعله حتى
يلكمه بهذا الشكل؟ ولكن لم يجبني.
وفي صلاة الفجر فوجئت بنفس الشاب يجلس مع الإمام ويقص عليه وكنت متأكدا
أنه يحكي له ما حصل أمس، فلم أستطع أن أقاوم تطفلي، وانتظرت حتى خرج الشاب
من المسجد لأقول له ما الذي دفعك إلى فعل هذا رغم أن الروحانيات كانت
عالية جدا، والناس كانت تبكي من حسن القراءة وآخر شي نتصوره هو ما فعلته
أنت.
فقال لي باختصار: "الرجل كان طوال الوقت يحاول لمس
يدي ويضع رجله في رجلي"، طبعا هذا ما قاله الشاب، وقد يكون الأمر أكبر من
ذلك ولكنه استحى أن يقول، ولقد أصابني هذا الموضوع بالغم الشديد وخصوصا
عندما حكيته لزوجتي وأخبرتني ببعض القصص المماثلة تحصل للبنات والأولاد في
المدارس، فخفت على ابني عبد الرحمن (7 سنوات) وابنتي منة الله (10 سنوات).
واحترت كيف يمكنني أن أحذر أولادي مما قد يتعرضون له
من تحرش جنسي دون أن أشعرهم بالخوف الشديد من المسجد والمدرسة والناس
الكبار -بدون تعقيد يعني- فقلت أفضل من يجيب على هذا السؤال هو أنتم.. فما
رأيكم؟
الأخ الفاضل أستاذ ناصر.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
بالفعل يا أخي هو شيء مقلق للغاية، ويجعل الوالدين في حيرة من أمرهم بين
رغبتهما في تنبيه أطفالهما من مثل هذه الأمور حتى يمكن تجنيبهم التعرض
لها، وبين خشيتهما أن يؤثر ذلك على تواصلهم مع الآخرين وشعورهم بالأمان في
التعامل في المواقف المختلفة.
وبالطبع يعلم جميعنا أن هناك زيادة مضطردة في نسبة
هؤلاء المضطربين جنسيا، والذين قد يقومون بمثل هذه الأمور ويهددون حياة
أبنائنا النفسية من جراء التعرض لموقف مثل هذا على أيدي واحد منهم، خاصة
أن كل الدراسات التي تمت على الأطفال الذين يتعرضون للتحرش الجنسي تؤكد
مدى الدمار الذي يخلفه على نفسية الطفل والذي قد يستمر مدى الحياة، ويشكل
خبرة سلبية تؤثر على حياتهم وعلاقاتهم وتقييم الذات لديهم وغير ذلك، كما
أنه يؤثر أيضا على كفاءتهم في العلاقة بالشريك بعد الزواج.
لهذا كله وجب التنبيه على الأطفال بصورة بسيطة من خلال
بعض التوجيهات التي تبدو كأنها من سياق الحديث، بحيث لا تشغل بال الطفل
ولا تؤثر عليه فترفع مثلا من حب الاستطلاع لديه أو ترعبه من التواجد مع
الآخرين كما نوهنا، فمثلا حينما تحضن الأم أطفالها فإنها تشير إلى أن هذا
الحضن أو هذه الطريقة من التقبيل لماما وبابا فقط.
ونشير في مثال آخر حينما يرتدون بعض الملابس في المنزل
بأنه يجب عليهم الحفاظ على أجسامهم وأنه مباح لنا مثل هذه الملابس في
منزلنا فقط.. وهكذا بحيث يتم الأمر دون تعمد ويأتي في المواقف المختلفة
ليرسي الأساس لديهم بأن هناك حدودا للتعامل مع الآخرين.
كذلك يجب أن نعلمه خصوصية جسمه، وأنه غير مصرح لأحد
بلمسه بطريقة تضايقه، ونؤكد على كلمة "كل الناس" بحيث يعتبره أمرا عاديا،
إضافة إلى أن الكثير للأسف من هؤلاء الذين يقومون بالتحرش يكونون من
المقربين للطفل وأسرته.
أيضا علينا أن نعلمه بعض أساليب الدفاع عن النفس،
ومنها مثلا أن يصرخ بقوة عند تعرضه لموقف ما، ونترك الأمر مفتوحا ونقول له
أي سلوك يبدو من الآخر أنه يرغب في تقييدك أو لمس جسمك أو غير ذلك.
ومن الضروري أيضا أن نشجع أبناءنا على الحديث إلينا في
كل الأمور التي تحدث لهم خلال اليوم، وأن نبني الثقة بيننا وبينهم في حوار
ودي يساعدهم على إخبارنا بأي أمر يتعرضون له.
ودورنا نحن كآباء بخلاف التنبيه والتوعية أن نحفظهم من
المبيت عند أحد، أو التواجد مع أشخاص كبار لفترة طويلة دون رقابة.. هذا
واجبنا نحوهم.
حفظكم الله.. وحفظ أطفالكم جميعا.
